فصل: الشاهد الخامس عشر بعد الأربعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.استيلاء الظاهر ملك مصر على قيسارية ومقتل البرنواه.

كان هلاكو قد زحف إلى الشام سنة ثمان وخمسين مرارا وزحف ابنه إبقا كذلك وقاتلهم الملك الظاهر صاحب مصر والشام وكان كثيرا ما يخالفهم إلى بلادهم فدخل سنة خمس وسبعين إلى بلاد الروم وأميرها يومئذ من التتر طغا وأمده إبقا بأميرين من التتر وهما كداون وترقو لحماية بلاد الروم من الظاهر فزحفوا إلى الشام وسار الظاهر من مصر في مقدمته سقر الأسقر فلقيت مقدمته مقدمتهم على كوكصو فانهزم التتر وتبعهم الظاهر والتقى الجمعان على إبليش فانهزموا ثانية وأثخن فيهم الظاهر بالقتل والأسر إلى قيسارية فملكها وكان البرنواه قد دس إليه واستحثه للوصول إلى بلاده فأقام الظاهر على قيسارية ينتظره وبلغ ملك التتر إبقا خبر الواقعة فزحف في جموع المغل إلى قيسارية بعد منصرف الظاهر إلى بلاده فلما وقف على مصارع قومه وجد على البرنواه وصدقت عنه السعاية وأنه الذي استحث الظاهر لأنه لم ير في المعركة مصرع أحد من بلاد الروم ورجع إلى معسكره ومعه سليمان البرنواه واستبد بملكه والله تعالى ولي التوفيق وهو نعم الرفيق لا رب سواه ولا معبود إلا إياه سبحانه.

.خلع كنجسرو ثم قتله وولاية مسعود ابن عمه كيكاوس.

كان قنطغرطاي بن هلاكو مقيما ببلاد الروم مع غياث الدين كنجسرو وملك بلاد الروم وصار أمير المغل بها منذ عهد أبقا ولما ولي أحمد تكرار بن هلاكو بعد أخيه أبقا بعث عن أخيه قنطغرطاي فامتنع من الوصول إليه خشية على نفسه ثم حمله غياث الدين على إجابة أخيه وسار معه فقتل تكرار أخاه قنطغرطاي واتهم المغل غياث الدين بأنه علم برأي تكرار فيه واعتمد فلما ولي أرغون بن إبقا بعد تكرار عزل غياث الدين عن بلاد الروم وحبسه بارزنكاي وولي مكانه على المغل ببلاد الروم أولاكو وذلك سنة إثنتين وثمانين وأقام مسعود ملكا ببلاد الروم سنة ثمان عشرة وسبعمائة وأصابه الفقر وانحل أمره وبقي الملك بها للتتر ثم فشل أمرهم واضمحلت دولتهم لا بقايا بسيواس من بني أرثا مملوك دمرداش بن جومان واستولى التركمان على تلك البلاد أجمع وأصبح ملكها لهم والله غالب على أمره يؤتي الملك من يشاء وهو العزيز الحكيم.

.ملوك قونية من بلاد الروم وملكها من أيديهم التتر:

الخبر عن بني سكمان موالي السلجوقية ملوك خلاط وبلاد أرمينية ومصير الملك الى مواليهم من بعدهم ومبادي أمرهم وتصاريف أحوالهم.
كان صاحب مزيد من أذربيجان إسمعيل بن ياقوتي بن داود أخو البارسلان وداود أخو طغرلبك كما مر ولقب إسمعيل قطب الدولة وكان له مولى تركي اسمه سكمان بالكاف والقاف وكان ينسب إليه فيقال سكمان القطبي وكان شهما عادلا في أحكامه وكانت خلاط وأرمينية لبني مروان ملوك ديار بكر وكانوا في آخر دولتهم قد اشتد عسفهم وظلمهم وساء حال أهل البلد معهم فاجتمع أهل خلاط وكاتبوا سكمان واستدعوه ليملكوه عليهم فسار إليهم سنة اثنتين وخمسمائة الى ميافارقين من ديار بكر فحاصرها حتى استأمنوا إليه وملكها ثم أمر السلطان محمد شاه بن ملك شاه الأمير مودود بن زيد بن صدقة صاحب الموصل بغزو الإفرنج وانتزاع البلاد من أيديهم وأمر أمراء الثغور بالمسير معه فسار معه برسق صاحب همذان وأحمد بك صاحب مراغة وأبو الهيجاء إربل وأبو الغازي صاحب ماردين وسقمان القطبي صاحب ديار بكر فساروا لذلك وفتحوا عدة حصون وحاصروا الرها فامتنعت عليهم ثم تل ناشر كذلك واستدعاهم رضوان بن تتش صاحب حلب فلما ساروا إليه امتنع من لقائهم ومرض سكمان القطبي هنالك فرجع عنهم وتوفي في طريقه ببالس وافترقت العساكر وملك خلاط وبلاد أرمينية بعد مهلكه ابنه ظهير الدين إبراهيم وسار فيهم بسيرة أبيه إلى أن هلك سنة إحدى وعشرين وملك بعده أخوه أحمد بن سكمان عشرة أشهر ثم توفي فنصب أصحابه للملك بأرمينية وخلاط شاه أرمن سكمان ابن أخيه إبراهيم بن سكمان صبيا دارجا واستبدت عليه جدته أم إبراهيم ثم أزمعت قتله فقتلها أهل الدولة وعمد سنة ثمان وعشرين واستبد شاه أرمن وكانت بينه وبين الكرج وقائع وساروا سنة ست وخمسمائة الى مدينة أني من أعمال أران فاستباحوها وسار إليهم في العساكر فهزموه ونالوا منه وكانت عنده أخت طليق بن علي صاحب ارزن الروم ووقعت بينه وبين الكرج حرب فانهزم طليق وأسر وبعث شاه أرمن الى ملك الكرج وفادى طليقا ورده إلى ملكه بارزن ثم استولى صلاح الدين بن أيوب على مصر والشام واستفحل ملكه وكاتبه مظفر الدين كوكبري وأغراه بملك الجزيرة ووعده بخمسين ألف دينار وسار صلاح الدين إلى سنجار فحاصرها وهو مجمع المسير إلى الموصل وبها يومئذ عز الدين مودود بن زنكي فاستنجد بشاه ارمن صاحب خلاط فبعث شاه ارمن مولاه مكتمر الى صلاح الدين شفيعا في صاحب الموصل ووفد عليه وهو محاصر لسنجار ولم يشفعه صلاح الدين فرجع عنه مغاضبا وسار شاه ارمن لقتاله واستدعى قطب الدين نجم الدين إلى صاحب ماردين وهو ابن أخيه وابن خال عز الدين وحضر معه دولة شاه بن طغرك شاه بن قليج أرسلان صاحب وسار سنة ثمان وسبعين وقد ملك صلاح الدين سنجار وافترقت العساكر فلما بلغه مسيرهم بعث عن تقي الدين ابن أخيه شاه من حماة فوافاه سريعا ورحل إلى رأس عين الموصل وافترقت جموعهم وسار صلاح الدين إلى ماردين فعاث في نواحيها ورجع ثم سار إلى الموصل آخر إحدى وثلاثين وعبر إلى الجزيرة وانتهى إلى حران ولقيه مظفر الدين كوكبري بن زين الدين ولم يف له بالخمسين ألفا التي وعده بها وأخذ منه حران والرها ثم أطلقه بما نفذه من مكاتبته وأعاد عليه بلدته وسار من حران فحضر عنده عساكر الحصن ودارا ولقيه سنجر شاه صاحب الجزيرة ابن أخي عز الدين مودود مفارقا لطاعة عمه وسار معه إلى الموصل ولما انتهى إلى مدينة بله بعث إليه عز الدين ابن عمه نور الدين محمود وجماعة من أعيان الدولة راغبين في الصلح فأكرمهم واستشار أصحابه من أعيان الدولة فأشار علي بن أحمد المشطوب كبير الهكارية بالامتناع من ذلك فردهم صلاح الدين واعتذر وسار فنزل على فرسخين من الموصل واشتدوا في مدافعته فامتنعوا عليه فندم على عدم الصلح ورجع على علي المشطوب ومن وافقه باللائمة وخاطبه القاضي الفاضل البيساني من مصر وعزله في ذلك وجاء زين الدين يوسف بن زين الدين صاحب إربل وأخوه مظفر الدين كوكبري فتلقاهما بالتكرمة وأنزلهما مع الحشود الوافدة بالجانب الشرقي وبعث علي بن أحمد المشطوب الهكاري إلى قلعة الجزيرة من بلاد الهكارية فحاصرها واجتمع عليه الأكراد ولم يزل محاصرا لها حتى عاد صلاح الدين من الموصل وأقام صلاح الدين على حصارها مدة وبلغ عز الدين أن نائبه بالقلعة يكاتبه فمنعه من الصعود إليها وكان يقتدي برأي مجاهد الدين وبعثه في الصلح فسعى فيه إلى أن تحمله ووصل صلاح الدين الى ميافارقين.